17 - 08 - 2025

رشقة أفكار | إمام وابو النجوم لأول مرة .. في دار الأوبرا !

رشقة أفكار | إمام وابو النجوم لأول مرة .. في دار الأوبرا !

** قبل أن تقرأ:

أختلف مع وزير الثقافة الحالي د. احمد هنو .. ليس وحده الذي اختلفت معه : محمد عبد الحميد رضوان .. أحمد هيكل .. فاروق حسني صاحب الحظيرة.  جابر عصفور ( الإقصائي) ايناس عبد الدايم.. وخليفتها التي لايذكر أحد اسمها ولا رسمها ولا كتابيها اللذان لاجدوى  منهما .

الثقافة أهم من الحرب .. فهي أول وآخر طلقة في معركة الانتصار . الثقافة أولا وبعدها  الأمن. . لأنها تحدد للمسؤول سبل وشروط وأساليب تحقيقه .. من العدل والمساواة.. إلى الحرية وسيادة القانون.. أنها عندي أهم من الطعام.. لأنها - الثقافة-  بمعناها الصحيح.  وتطبيقاتها الصحيحة .. تصبح مثل السنبلة .. التي تتعهدها بالعناية والرعاية .. فتعطيك من الغلال ألف ألف حبة .. وليس مائة حبة فقط في السنبلة الواحدة . أخطر ما تسببت فيه وزارة الثقافة - زمن فاروق حسني - تدجين المثقفين.. وإدخالهم حظيرة الدولة  دوما.. بحثا عن "العلف".. وفي ذروة الإرهاب لم يقم" النمنم"و"عبد الدايم" - ولا الوزيرة المنسي اسمها طبعا - بأي دور في المكافحة.. مع أن  حلمي مثلا له رصيد كبير من الكتابات عن إخوان الإرهاب !

جاء" هنو" .. فاحتفى بسلماوي وكان هذا جميلا.. وعاد صنع الله في المستشفى.. وأبرز له  تقديرا واهتماما يستحقه.. لكنه ياللغرابة والعجب .. في المقابل أطفا أنوار أكاديمية روما مبكرا .. بلا مبرر أو سبب معلن .. عندما  أقال مديرتها الفنانة الموسيقية المبدعة والأستاذة  الأكاديمية المرموقة رانيا يحيي .. وهي  التي حفرت اسمها في الصخر على مدي سنوات.. وتابعنا القاصي والداني من خلال حفلاتها المتميزة فنا وفكرا  واسلوبا .. على مسارح مصر المتنوعة .  وأشهرها مسارح دار الأوبرا..

يقينا .. تركت إقالة رانيا يحيي من منصبها .. رغم عطائها الكبير على مدي عشرة شهور تقريبا. غصة في القلب .. فقد كان مهما في بلد من بلدان الفن والموسيقى والتاريخ العريق أن تشع أنوار  التاريخ والحضارة المصرية من أكاديمية روما.. وأن يسطع إشعاعها الثقافي في أوروبا.. و يرد على كل مايوجه لمصر من إتهام بالإعتام الثقافي والفكري.. كان ذلك قرارا غير حكيم وغير مبرر وأراه شخصيا ولا حدود المصلحة الوطنية فيه.  وأعرف أن رئيس الوزراء الذي لا يشغل نفسه بهذه الأمور الثقافية .. فهو لايرتاد المسارح.. ولا يشاهد السينما ولا يشتري كتبا من معرض الكتاب .. ولا نعرف أن كان لديه الخيال الواجب أن يتمتع به رجل في مكانته ومنصبه .. وبالتالى لا أظن انه يبحث وراء اسباب إقالة رانيا يحيي.. أو يسأل الوزير.. أو يقول له لا على الأقل!ا

ولكن في المقابل، حين تسمع محمود عزت  - محام ورئيس جمعية محبي الشيخ إمام للفنون والآداب وباحث ثقافي  - وهو يتقدم بالشكر لوزارة الثقافة ودار الأوبرا. ووزير الثقافة .. لسماحهم بإقامة حفل الشيخ امام  في دار الأوبرا لابد أن تتوقف وان تتأمل ماجري فعلا.

هذا الحفل الثوري المخالف لأفكار وتوجهات النظم المتعاقبة ...منذ ثورة يوليو (مع تمايزات لا تقارن طبعا بما تلاها ) وحتى اليوم .. يستحق التوقف عنده ورصد ملامحه  . هكذا افعل رغم خلافي مع الوزير .. ورغم اإماني بان تجربة رشا يحيي وشقيقتها رانيا يحيي مهمة وسطعت بقوة في الوسط الثقافي.. والطبقة الوسطى  المصرية - ماتبقى منها  على الأقل - بالفن الرفيع الذي قدمته كلا منهما .. بل وما نشأتا عليه من أبناء الأسرة ماكان كفيلا باستمرار المسيرة .. من آل يحيي .. إلى  آل الهرميل (يحيي وفريدة).. وكل من حضر حفلاتهما في دار الأوبرا يعرف قيمة هاتين الفنانتين وفرقتيهما اللتين كنا نتسابق على شباك التذاكر لحجز مقاعد لنا قبل نفادها.

لماذا أقال أحمد هنو رانيا يحيي؟ سؤال هو وحده يعرف إجابته .. وربما آخرين  يعرفون .. ونحن جميعا ننتظر أن نعرف.. لكننا في نفس الوقت سعداء بخطوة غير مسبوقة  أقدم عليها الوزير وهي السماح للعظيم القدير الرائع المائز الشيخ إمام عيسي .. وأبو النجوم ..الشاعر الثوري احمد فؤاد نجم بأن يطلا على جمهور مصر  .. من مسرح دار الاوبرا المصرية. هذا أمر لو تعلمون عظيم .. لم يحدث من قبل أن اقترب هذا الثنائي من أي مؤسسة من مؤسسات الدولة .  خاصة الاوبرا .. على الاطلاق. ذات يوم دعتني إيمان زكي المعدة الثقافية المعروفة بقناة النيل الثقافية لاختيار شخصية أتحدث عنها في برنامجها .. وعرضت عليها أن أتحدث عن الشاعر أحمد فؤاد نجم .. احبه وأقدره كما ملايين غيري .. واعتبره أحد من علمونا الثورة وبلوروا فينا معاني الوطنية و ودوام التغني بها.. ولكن المعدة ايمان زكي عادت لتبلغني برفض المسؤولين للحديث عن هذه  الشخصية !!

تاريخيا هذا الثلاثي  :الشيخ  إمام - احمد فؤاد نجم - عزة بلبع .. كانوا دوما فرسان الغناء المقاوم في مصر ..حفلاتهم السرية تصبح علنية بقوة الآلاف الذين يحضرونها . . ليغنوا بمعية الفرسان الثلاثة اغاني مقاومة : يافلسطينية وانا نفسي اسافر حداكم ..

كان  يوم  الخميس الموافق ٧ اغسطس ٢٠٢٥ واحدا من أهم ايام جمعية محبي الشيخ إمام.. حيث انخرط الآلاف في احتفالية فنية  شعبية عظيمة للاحتفاء بتراث الراحل الكبير الشيخ إمام عيسى .. كان يوما فارقا وتاريخيا  على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية.

لا يصدق أحد أن المسرح امتلأ تماماً عن آخره قبل إنطلاق الحفل.. وفي رأيي أنه في هذه اللحظة لم يكن مايجري داخل مسرح الاوبرا الصغير هو الأهم .. حيث الصالون الثقافي البديع  الذي أقيم حول فن الشيخ إمام وتأثيره والذي حاضر فيه الكاتب الكبير نبيل عبد الفتاح .. والشاعر زين العابدين فؤاد والباحث  الثقافي محمود عزت اسماعيل والصحفي هشام اصلان والفنان ماريو سعيد  عن الشيخ إمام .. وانما كان الأهم في تقديري هو المسرح الفني الشعبي  العفوي الذي أقامه مئات من الحضور الذين لم يتمكنوا  من دخول الحفل .  فأقاموا حفلهم بنفسهم  للشيخ إمام وأبو النجوم بالطبع .. فكان هنالك حفلان ..أحدهما رسمي على المسرح .. والآخر شعبي خارج المسرح أمام الابواب الموصدة .. صوت الشباب فيه يهز كل الأركان في دار الأوبرا .

نظموا أنفسهم بلا تنظيم.. وانطلقت اغانيهم بلا موسيقى كانوا هم الموسيقا .  وكانوا هم "عود" الشيخ أمام و"صوت" عزة بلبع و"شعر" ابو النجوم ..صدحوا بالغناء المقاوم المحبب لهم .. صوت هادر متناغم من دون ضابط ايقاع ولا عصا مايسترو .

يحسب لمحمود عزت مؤسس الجمعية أنه كمنظم لهذه الفعاليات استطاع أن يجذب الآلاف من الشباب لهذا الغناء المقاوم ..الذي يكشف أن الشباب المصري قادر وان ذائقته بديعة  وانه يقدر الفنون .. وأن معظم شبابنا ليسوا مخدربن بغثاء بيكا وحمكشة وحنكش والأسماء التي لا اعرفها بالقطع ..و التي تكتسب نجوميتها من الافراح والمهرجانات .. فتشيد بما تكسبه  القصور وفيلات كما الفاسدين الذين يهاجمهم وينسفهم أداء الشيخ إمام في اغنيته "شيد قصورك: شيد قصورك عالمزارع، من كدنا وعمل إدينا..والخمارات جنب المصانع، والسجن مطرح الجنينة ..

الغناء الجميل للفرقة شارك فيه الفنانون محمود العطار وأحمد الرفاعي نجوم مشروع جذور بالاشتراك مع المطربة المتألقة تقى طارق وبمصاحبة الفنان القدير إسلام خليفة عازف الكمان والجميل المبدع بيتر روماني عازف الناي مع إيقاع علاء عصام  حيث قدموا  باقة متميزة من أعمال الراحل العظيم الشيخ إمام عيسى بالإضافة لتحية خاصة جداً لروح الأستاذ زياد الرحباني.

بعد أن قرأنا:

- أسوا ما فعله الوزير هو إقالة رانيا يحيي بلا سبب .. لكن اروع مافي حفل محمود عزت - الذي سمح له وزير الثقافة  لأول مرة وبشكل غير مسبوق -  هو أن محمود عزت نجح في أن يقيم حفلين له في دار الأوبرا في وقت واحد .. أحدهما  رسمي على مسرح الأوبرا.. والآخر   أرضي .. حيث افترش المئات الأرض وراحوا يغنون بعفوية .. رافضين أن تنتهي امسيتهم قسرا .. نتيجة  عدم تمكنهم من الدخول .. هذا المسرح الأرضي هو مسرح اضافي شيده أيضا  بمحهوده وإخلاصه لفكرته  محمود عزت  .. لانه يعمل بدأب  ويسعى لتجميع محبي الشيخ إمام .. كل شهر  .. وبتجدد دائم .. ولذلك فالمحبون له  لايكتفون بالغناء داخل المسرح .. وانما يغنون خارجه ايضا.
----------------------------
بقلم: محمود الشربيني

مقالات اخرى للكاتب

رشقة أفكار | إمام وابو النجوم لأول مرة .. في دار الأوبرا !